الفروض .. رسمها كل انسان فى مخيلته كيفما شاء .. ثم اقتنع بها تمام الاقتناع .. وامن بها واعتنقها تمام الاعتناق .. وأصبحت تلك الفروض بمثابة الخيوط التى تسير حياته .. والتى يتحرك من جراء اعتناقه لها .
ولكن كم منا سأل نفسه عن مدى صحة تلك الفروض .. ومن منا راجع نفسه بشأن مسلمات و نواميس و تابوهات كثيرة تضج بها حياته .. وأخذ يبحث ويدقق وينمق و يدلل على صحة تلك الفروض أو غلطها بداية من الأشياء الصغيرة التى يظنها تافهه ..إلى المسلمات الكبيرة والخطيرة .
ولكن .. ولأننا شعب كسول .. يرنو للنتائج من دون التحقق من التجارب .. ونوقن دونما أدنى شك .. شعب يحب الأنتخة .. ويحب ترييح الدماغ .. وجُلَّ اعتماده على الثقافة الشفهية .. فإننا كثيرا ما نهمش عقولنا فى سبيل تريييح أدمغتنا .. وترييح الدماغ تلك من أخطر الآفات التى من الممكن أن تحصد مزارع حياتك وتملأ نغولها منك – على رأى أخويا حاتم – فلو كان سيدنا ابراهيم من تلك الفئة التى تريح أدمغتها ما كان فكر واستدل واقتنع ثم فكر ثانية واستدل واقتنع ثم راجع نفسه .. ففكر واستدل وامن بالله الواحد .. وما كان ليصبح أبو الانبياء ..؛ ولو كان نيوتن من تلك الفصيلة أيضا .. لما كان ليأبه بتلك التفاحة التى سقطت عليه من عل .. بل كان قد تناولها وأكلها و أخرجها .. ولم نكن لنعرف الى الان قوانيه .. التى هى بمثابة الاساس للعلم الحديث .
ولكن كلاهما اندهش .. وفكر .. واستدل .. اندهشا من شئ ظنه الناس فى زمنهما عاديا وطبيعيا .. شئ وجدوه قائما .. فلم يكلفوا أنفسهم عناء البحث الجميل والمشقة الممتعة .. لذلك كانا علامتين فارقتين فى تاريخ البشرية جمعاء – مع الفارق – فحق عليهما المكافاة الالهية من بعث ابراهيم نبيا يحمل رسالة الله فى الارض .. واكتشاف نيوتن لقوانيه و ارجاع تلك الطفرة فى حياتنا اليومية حتى الان له .
فما أتسع من إنسان بنى فروضا خاطئة .. ثم صدقها واقتنع بها .. وعاش حياته بها .. أو قل إن شئت مات حياته بها .. فلكى نحيا تلك الحياة .. علينا أن نندهش .. نفكر .. نستدل .. نقتنع .. ونراجع أنفسنا إن لزم الامر لنؤمن ونسلم ونعتنق بعد الشك اللذيذ .
أحمد شاهين
28/3/2008
القاهرة